الفصل السادس
الفصل
السادس خُصص للموضوع الرئيس في الدراسة وهو سياسة الوقاية والمكافحة
لتهريب المخدرات بين التشريع الإسلامي والقانون الجنائي، قسمه إلى المباحث
التالية:
المبحث الأول:
حكم المخدرات في التشريع الإسلامي والقانون الجنائي، وفي ذلك قارن الباحث
بين حكم المخدرات في التشريع الجنائي الإسلامي والقانون الجنائي المصري من
خلال المحاور التالية:
1- بيان الحكم وأدلته.
2- تعاطي المخدرات.
3- إنتاج المخدرات وزراعتها وتهريبها والاتجار بها والتعامل بها على أي وجه.
4- أداء الصلاة تحت تأثير المخدر.
5- الربح الناتج عن التعامل في المواد المخدرة.
6- التصدّق بالأموال الناتجة عن التعامل في المواد المخدرة.
7- تعاطي المخدرات للعلاج.
8- التواجد في مكان معد للتعاطي أو كان يجري فيه تعاطي المخدرات.
وخلص
الباحث بعد ذلك إلى أن حكم جميع الأنشطة المتصلة بالمخدرات في التشريع
الإسلامي والقانون الجنائي محرمة شرعاً ومجرمة قانوناً. إلا أن الشريعة
الإسلامية تتفوق في ثبات حكم التحريم وعدم خضوعه لكمية المادة المخدرة مهما
تواضعت وظروف القضية والجاني مهما اختلفت، بينما يتأرجح ثبات درجة التجريم
في القانون، فيضعف تبعاً لظروف الجريمة، وكذلك الظروف الخاصة بالجاني.
المبحث الثاني:
برنامج الوقاية والعقوبة في التشريع الإسلامي والقانون الجنائي، قارن
الباحث برنامج الوقاية في التشريع الإسلامي بما جاء في القانون الجنائي،
مؤكدا أن الشريعة الإسلامية تتميز بالكمال والشمولية في الوقاية، وتتجه
لإصلاح وتهذيب النفس البشرية وزرع بذور الخير والإصلاح فيها، وقد أورد
الباحث بعض الإجراءات التي تنتهجها المملكة العربية السعودية وهي ضمن مناهج
الوقاية الإسلامية لإصلاح المجتمع والحد من فرص انحرافه، كما قارن ذلك مع
القانون الجنائي من خلال المحاور التالية:
1- الإعلام ودوره في الوقاية من الجريمة.
2- السياحة الجانحة خارج البلاد.
3- المرأة وممارسة دورها الاجتماعي.
4- تحريم ومنع التجارة بالخمر والمشروبات الروحية.
كما قارن الباحث أيضاً بين برنامجي العقوبة في الشريعة الإسلامية وفي القانون الجنائي.
المبحث الثالث:
في هذا المبحث أورد عددا من الحقائق التي أثبتتها المقارنة، وبعض الشهادات
التي تؤكد سمو الشريعة الإسلامية وقدرتها على حفظ الأمن، وقد جاءت هذه
الشهادات من منظمات دولية ومن علماء متخصصين من مختلف الأجناس والأديان،
لتؤكد أن المملكة العربية السعودية حققت أفضل المستويات من الناحية الأمنية
ومرد ذلك هو تطبيق التشريع الجنائي الإسلامي الذي يحقق الوقاية والعقوبة
والردع اللازم للحد من الجريمة.
نتائج الدراسة
قام الباحث بعرض نتائج دراسته بصورة مفصلة من خلال التقسيم التالي:
أولاً: خلاصة المقارنة
بعد المقارنة بين التشريع الإسلامي والقانون الجنائي في مجال مكافحة المخدرات توصل الباحث إلى النتائج التالية:
(1) النتائج المتعلقة بحكم المخدرات
أ) جميع الأنشطة المتصلة بالمخدرات- ومنها التهريب- محرمة شرعاً ومجرمة قانوناً.
ب) في التشريع الإسلامي تميز الحكم بالثبات، وعدم خضوعه لكمية المادة المخدرة مهما تواضعت، كذلك ظروف القضية والجاني مهما اختلفت.
ج) في القانون الجنائي يتأرجح ثبات درجة التجريم، فيضعف تبعاً لظروف الجريمة وكذلك الظروف الخاصة بالجاني.
(2) النتائج المتعلقة ببرنامج الوقاية
بعد المقارنة بين الإجراءات التي تعنى بمعالجة الأسباب التي تؤدي إلى التعاطي ثم التهريب لتأمين الطلب على المخدرات اتضح ما يلي:
أ-
في مجال الإعلام ودوره في الوقاية من الجريمة تم قياس هذا الدور من خلال
معالجة أسباب الجريمة والترويج لها، وبالتالي اختفاء السبب والمسبب، وقد
تبين أن دور الإعلام في المملكة العربية السعودية (إيجابي وليس على
الإطلاق) ، بينما دور الإعلام في جمهورية مصر العربية ( سلبي وليس على
الإطلاق).
ب-
فيما يتعلق بالسياحة الجانحة خارج البلاد لاحظ الباحث الآثار المترتبة على
السفر لدول غير إسلامية، والتأثر بثقافاتهم، وما ينتج عنها من انحرافات،
ووقوع بعض الشباب في جريمة المخدرات بسبب السياحة الخارجية الجانحة، وقد
اتضح دور التشريع الإسلامي والقانون في هذا الجانب. فوجد أن التشريع
الإسلامي وضع ضوابط معينة لهذا السفر راعى فيها الحاجة، وتوافر مستوى من
العلم والوازع الديني لدفع الشبهات والشهوات، وقد وضعت المملكة العربية
السعودية ضوابط من هذا النوع لتنظيم السفر والسياحة لهذه البلاد، أما في
القانون فلا توجد ضوابط لحماية المجتمع من هذه الأخطار، ولم يجد الباحث أن
جمهورية مصر العربية قد اتخذت ترتيبات من هذا النوع.
ج-
فيما يخص المرأة وممارسة دورها الاجتماعي راعت المقارنة موضوع الافتتان
بالمرأة وخطرها على الرجل، ثم عليها لاحقاً، وما تسببه هذه الفتنة من
انحرافات وأمراض نتيجة الكبت والآلام والعقد النفسية، ثم الميل إلى
المخدرات للهروب من الواقع أو تخدير الضمير لما يسببه من آلام الصحوة بعد
الوقوع في المحرم، واتضح أن التشريع الاسلامي راعى هذا الجانب، ووضع ضوابط
تمنع الوقوع في الفتنة، ووجه المرأة المسلمة بمراعاة ذلك. وقد تبين من
المقارنة التزام المرأة في المملكة العربية السعودية هذا التشريع الوقائي
خلال ممارسة أدوارها الاجتماعية، والدولة ترعى هذا الالتزام بهدي من
الشريعة الاسلامية. أمّا القانون في جمهورية مصر العربية فلم يلزم المرأة
بمثل هذا المستوى من الضوابط الشرعية، ومن وفقها الله وهداها فهو امتثال
للتشريع الإسلامي دون إلزام من القانون.
د-
في مجال تحريم ومنع التجارة بالخمور والمشروبات الروحية اتضح أن الخمور
وجميع المشروبات الروحية حرام شرعا، والتجارة فيها حرام، ومقتضى التحريم
الشرعي مطبق على أرض الواقع في المملكة العربية السعودية، وفي جمهورية مصر
العربية وجد أن الخمور والمشروبات الروحية مباح شربها وتجارتها، وهذا
السلوك يمارس وفق ضوابط معينة .
(3) النتائج المتعلقة ببرنامج العقوبة
من خلال المقارنة تبين ما يلي:
أ-
العقوبة في التشريع الاسلامي: مصدر التشريع هو الله سبحانه وتعالى،
والقاضي في المحاكم الشرعية يمارس القضاء، ويوقع العقوبة حداً أو تعزيراً
بهدي الشريعة الاسلامية، ووفق القواعد التي تضبط ذلك، وهو في كل الأحوال
يراقب الخالق ويجتهد في إحقاق الحق تحسباً لعدم الخطأ، لأن عقوبة المخدرات
وتهريبها في الشريعة الاسلامية من جرائم الحدود، فتعاطيها يقاس على جريمة
شرب الخمر وتهريبها حرابة، لأنها إفساد في الأرض، ومحاربة لله ورسوله،
والعقوبة هنا ثابتة ومحددة، لا يمكن الإعفاء منها، أو تشديدها بتجاوز
عقوبتها الأصلية، أو تخفيضها تبعاً للظروف الخاصة بالجاني.
ب-
العقوبة في القانون الجنائي: العقوبة مصدرها البشر، وحتماً لن يكون تشريع
المخلوق بمستوى تشريع خالقه، والقاضي في المحاكم القانونية يمارس القضاء،
ويوقع العقوبة المقدرة أو العقوبة المخول بتقديرها، وهو خلال الممارسة
يلتمس إرضاء البشر أصحاب العلاقة، سواء كان المشرع أو أحد أطراف القضية،
وهو في حرج دائم، تدفعه العواطف والضغوط، ومؤثرات الاسترحام والتوسل إلى
تخفيف العقوبة والتمادي في ذلك حتى لا تحقق أهدافها، وهو في كل الأحوال لا
يخشى المسئولية من المشرع، لأنه يمارس صلاحيته التي خوله إياها القانون،
مما يؤدي إلى تعطيل العقوبات الأصلية. فالقاضي لا يلجأ للتشديد إلا إذا
أقفل أمامه باب التخفيف، ويندر أن يغلق دونه هذا الباب. وقد اتضح أن عقوبة
تهريب المخدرات غير ثابتة في القانون (122) لسنة 1989م، وتحكمها بعض
الأحوال كالإعفاء من العقوبة بموجب المادة (48) أو الظروف القضائية المشددة
بموجب المادة (34/5). ويلاحظ هنا أن التشديد لم يتجاوز العقوبة الأصلية
للفعل المجرم، أو الظروف القضائية المخففة للعقوبة بموجب المادة (36).
ويلاحظ هنا أن تقديرها ترك للقاضي دون ضوابط، وحريته المطلقة في هذا الجانب
تعرضه لضغوط المطالبة بالتخفيف.
ج-
الشريعة الإسلامية سبقت القانون إلى حماية وصيانة الحقوق الشخصية في
الحياة الخاصة، ولكن السلطة تتجاوز بعض هذه الشروط سهواً أو عمداً في بعض
الحالات، متى رأت ذلك ضرورياً، وأنه لولا التدخل لوقعت جريمة، أو ضاعت
مصلحة عامة، أو كان ضرر الامتناع عن التفتيش مثلاً أكثر من المبادرة إليه،
وهنا تراعي الشريعة ذلك وتضع له قاعدة (الضرورة تقدّر بقدرها) ، بينما
القانون فرّط في ذلك، وجعل الحق بيد المتهم للطعن ببطلان إجراءات التفتيش،
وتبعاً لذلك بطلان الدليل، ليصل في النهاية إلى البراءة، رغم ضبطه متلبساً
وقناعة السلطة والقضاء بإدانته، وهذه ثغرة قانونية يتم استغلا لها من قبل
المجرمين.
د-
هناك ضمانات تمنح للمتهم أثناء محاكمته والحكم بإدانته أو براءته، وهذه
الضمانات محاطة في الشريعة الاسلامية بالاهتمام والرعاية، ولكن القانون
فرّط حين منح المتهم حقوقاً غير مقبولة تتعارض مع أهداف العقوبة ومصلحة
المجتمع، وذلك حين ألزم القاضي عند إصدار الحكم بأن يراعي شخصية الجاني
وظروفه، وهذا الإلزام كان سبباً قوياً في ضعف القضاء وبالتالي العقوبة،
لكون الجمع بين متناقضين غير ممكن. فأمام القاضي مصلحة المجني عليه
والجماعة، وفي الطرف الآخر مصلحة الجاني، فإذا تمت مراعاة مصلحة الجاني
وظروفه فإن هذا حتماً سينال من مصلحة وحق المجني عليه، وبالتالي مصلحة
الجماعة دون حق.
ثانياً: النتائج العامة للدراسة
1- الجريمة المنظمة دولية، ومكافحتها بفاعلية لا بد أن تكون في إطار دولي.
2- الجريمة المنظمة ( سوق للإجرام ) ، فلا حدود لإجرامها، ولا تخصص لأنشطتها، ولن تتوقف ما دامت تحقق الربح.
3- الجريمة المنظمة ضد معايير الأخلاق والمبادئ والقيم الإنسانية.
4- الجريمة المنظمة عدو لدود وقوي، ومواجهتها دون استعداد تدمير لمؤسسات الدولة ومقوماتها الاقصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها.
5- تتعارض الجريمة المنظمة بخصائصها ومبادئها مع الشريعة الإسلامية؛ فجميع أنشطتها غير مشروعة.
6- الجريمة المنظمة لا تختار المواجهة متى ما أمكنها تحقيق أهدافها بالاحتيال والرشوة، والابتزاز والتهديد.
7- الانتظار في مواجهة الجريمة المنظمة حتى دخو لها الوطن خيار غير استراتيجي.
8- إذا وصلت الجريمة المنظمة داخل الدولة فإن خروجها صعب المنال، ومحاولة إخراجها غير مضمونة النتائج، وغير مأمونة العواقب.
9- الإجرام المنظم لا يتعايش مع المجتمع الفاضل.
10- الشريعة الإسلامية عدو الجريمة المنظمة واجتماعهما بسلام في بلد واحد احتمال غير وارد.
11- تطبيق مبدأ (الوقاية خير من العلاج) خيار استراتيجي لمواجهة الإجرام المنظم.
12-
المواطن هو المستهلك لأنشطة الجريمة المنظمة، وأحد عناصر السوق، ومتى تم
إصلاحه واحتواؤه فلن تجد الجريمة المنظمة فرصة للانتشار والتفاعل.
13- التشريعات القاصرة والأنظمة الضعيفة تعتبر ثغرات قانونية تهيئ الطريق لاحتراف الإجرام المنظم، واستمرار أنشطته.
14- الشريعة الإسلامية ليست فقط خيارا استراتيجيا لمواجهة الجريمة المنظمة، ولكنها الحل الوحيد بشرط التطبيق الكامل وليس الجزئي.
ثالثا: النتائج الخاصة بالمقارنة
1-
الشريعة الإسلامية مصدرها القرآن الكريم والسنة النبوية. فالمصدر الأول
وحي من عند الله باللفظ والمعنى، والمصدر الثاني وحي من عند الله بالمعنى،
ولفظاً عن النبي
الذي لا ينطق عن ا لهوى، فيما جاء المجتهدون وعلماء الإسلام فالتزموا
بمنهج الله تعالى، واستنبطوا الأحكام للوقائع الجديدة من روح الشريعة وفق
قواعد لا تعرف الجور والظلم، بل هي أسمى أنواع العدالة، كونها تنبثق من
تشريع إ لهي شامل لكل مطالب الحياة. بينما القانون الوضعي من صنع البشر،
يخضع لأهوائهم، وينبثق من النقص البشري، فمهما بلغ فقهاء القانون من
المعرفة فإن علمهم يظل قاصراً عن بلوغ وإدراك حقائق الأمور، فلا يستطيعون
أن يحيطوا بما يحقق لهم الفلاح مثل رب العالمين، ولله المثل الأعلى. كما أن
القوانين نشأت كطفل وليد يتطور ويتأثر بنشأة الإنسان وبيئته، فلكل مجتمع
قوانينه التي تتطور معه.
2-
قوة الاحترام والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، لأن لها هيبة واحتراما
في نفوس المؤمنين بها لأنها صادرة من الله، ومن ثم يمتثل لها العباد طائعين
راضين مقتنعين بعدالتها دون مناقشة. أما أحكام القانون الوضعي فلا تكتسب ا
لهيبة والاحترام لذاتها أو احتراماً لواضعها، بل تكتسب بعض الاحترام بقدر
ما اقترن بها من عقوبه، فإن أمن الناس العقوبة انتهكت معظم القوانين.
3-
الشريعة الإسلامية كاملة ودائمة. فهي تعنى بكل شئون الحياة، وتصلح لكل
زمان ومكان، إلا أن القوانين الوضعية تتغير وتتبدل إذا ظهر فيها نقص أو
خلل، أو بتبدل الأخلاق، فما كان محرماً بالأمس يصير مباحاً اليوم والعكس.
4-
الجزاء في الشريعة الإسلامية دنيوي وأخروي. ففي أحكامها وعد ووعيد بنعيم
مقيم، أو عذاب شديد. وتتميز الشريعة بصفة خاصة بجزاء دنيوي، فضلاً عن
الجزاء الأخروي، فإن أمكن للناس أن يتهربوا من الجزاء الدنيوي نتيجة عدم
الاعتراف بالذنب أو التحايل على أدلة الإثبات، فإن الجزاء في الآخرة يبقى
نصب أعينهم ولا مفر منه، ولذلك فإن المؤمنين يخشون مراقبة الله وعقابه أكثر
من خشية ولي الأمر ومن يقوم على السلطة في الدنيا. والناس في ظل القوانين
الوضعية يجتهدون في التهرب من عقابها، وهم يعلمون أن واضع القانون بشر
مثلهم لا يعرف أسرارهم ولا يعلم الغيب، ولن يمتد عقابه إليهم بعد موتهم،
وهم والحالة هذه يتجهون إلى التمتع بالحلال والحرام والجرائم والآثام ما
داموا في مأمن من العقاب.
5-
الشريعة الإسلامية تفرض الرقابة الذاتية. فالمؤمن يعلم أن الله تعالى مطلع
على كل صغيرة وكبيرة، بل يعلم السر والنجوى، وهو حاكم عظيم لا ينبغي
مخالفته، وهو المشرّع سبحانه وتعالى يراقب شريعته ومخالفيها في الغيب وفي
ظل غياب السلطة، ويحاسب على التقصير، ولا يتحقق ذلك في القوانين الوضعية.
6-
التشريع الإسلامي يوافق الفطرة؛ فما تستحسنه الفطرة السليمة فهو في
الشريعة مباح، وما تستهجنه فهو في الشريعة قبيح، إما محرم أو مكروه. أما
القوانين الوضعية فيحدث كثيراً ألا تلتقي مع الفطرة السوية إذا تغيرت أحوال
المجتمع.
7-
الشريعة الإسلامية شاملة لاهتمامها بجوانب العقيدة، والأخلاق، والعبادات،
والمعاملات، وجميع شئون الحياة، في حين أن القوانين الوضعية تهمل موضوع
العقيدة والعبادات، والأخلاق.
8-
الشريعة الإسلامية شريعة التوازن والوسطية. أما في ظل القوانين الوضعية،
فكثيراً ما تطغى مصلحة الفرد على الجماعة أو العكس، كما أن اهتمامها
بالجانب المادي فقط كان سبباً في كثير من حالات الفراغ الروحي، ثم الحالات
النفسية والأمراض التي بلغت حد اختيار الانتحار لدى البعض.
9-
الشريعة الإسلامية تحقق العدل للناس جميعاً، وعد لها امتداد لعدل الله
سبحانه وتعالى. أما في القوانين الوضعية فكم من قانون تم تعديله لرفع الظلم
عن فريق فوقع الظلم على فريق آخر.
10-
الشريعة الإسلامية مرنة. فالحكم يجده القاضي ويتخيره حسب ظروف كل حالة من
أحكام المذاهب الفقهية التي فيها توسعة في الأمور الاجتهادية، إضافة إلى
نصوص القواعد الفقهية، بينما القوانين الوضعية نصوص تكبّل رجال القانون في
كثير من الوقائع ، فيحكمون بها ويعلمون أن غيرها أفضل منها، ويستمرون على
ذلك لحين تغييرها.
توصيات الدراسة
أولا: توصيات عامة
1- الاهتمام بالتعاون الدولي والمشاركة في فعالياته على المستوى العالمي، أو الإقليمي، أو الثنائي.
2- وضع ضوابط محكمة في وجه أي محاولة لاستغلال برنامج الاستثمار الأجنبي لتصدير الجريمة المنظمة وأنشطتها.
3- الاهتمام ببرنامج التوعية، خاصة في المؤسسات الأمنية ضمن برنامج الوقاية واستعداداً للمواجهة.
4- استمرار الحكم بالشريعة الإسلامية كونها الخيار الاستراتيجي الوحيد لمواجهة الجريمة المنظمة وقائياً.
5- التركيز على تنمية الوازع الديني لدى أفراد المجتمع.
6- الاهتمام بتحصين المؤسسات الرسمية ذات العلاقة بنشاط الإجرام المنظم، خاصة في مجال الأمن والاقتصاد.
7-
استمرار العمل على تطوير برامج التنمية، لدعم الاقتصاد الوطني، والوفاء
باحتياجات المواطن وأسباب رفاهيته، فالفقر والبطالة أرض خصبة للجريمة
المنظمة.
8-
الاهتمام بموضوع الفساد ومراقبة التغيرات الطارئة، والعلاقات المشبوهة بين
القيادات وكبار الموظفين. فشراء الذمم والولاء بقوة الابتزاز والتهديد
خيار استراتيجي في قانون الإجرام المنظم.
9-
الاهتمام ببرامج الوقاية لمنع المنظمات الإجرامية من الوصول إلى البلاد،
كون مكافحتها بعد وصو لها تكون محاولات غير مضمونة، بل غير مأمونة.
10-
استمرار العمل على مراجعة الأنظمة المعنية بأنشطة الإجرام المنظم، وإعادة
تعديلها وفق ما يحقق المصلحة، ويكفي لردع عناصر الجريمة المنظمة وتجريم
الأفعال المتصلة بالجريمة المنظمة كافة.
11- زيادة الاهتمام بدعم المؤسسات الأمنية والأجهزة ذات العلاقة بشرياً ومادياً وفنياً.
12- المبادرة إلى رفع كفاءة رجل الأمن وتأهيله علمياً وعمليا من خلال دعم الكليات والمعاهد الأمنية، وتبادل الخبرات مع الدول الأخرى.
13- إنشاء جهاز متخصص لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب.
ثانيا: توصيات خاصة بموضوع المقارنة
انطلاقا
من نتائج المقارنة بين التشريع الإسلامي والقانون الجنائي التي أظهرت تفوق
الشريعة الإسلامية في منهجها الوقائي، وكذلك العقابي يضيف الباحث عددا من
التوصيات منها:
1-
ضرورة المبادرة إلى الاستفادة من منهج التشريع الإسلامي في علاج الثغرات
القانونية وقصور الأنظمة الجنائية المعاصرة عند إعداد وتنفيذ سياسات مكافحة
الجريمة المنظمة بصفة عامة، وجريمة "تهريب المخدرات" بصفة خاصة.
2-
التشريع الإسلامي منهج سماوي يتنزه عن القصور والخطأ، وقد كشفت المقارنة
ذلك بجلاء، مما يؤكد ضرورة استمرار تطبيق هذا المنهج في المملكة العربية
السعودية.
3-
الاهتمام بموضوع التعاون الدولي والإقليمي في مجال البحث والتحري، ومتابعة
المهربين قبل وصو لهم إلى حدود المملكة ليمكن ضبطهم في الوقت المناسب.
4- التركيز على استمرار برامج التوعية للتحذير من أخطار المخدرات.
5-
الاهتمام بتربية وإعداد النشء المسلم ورعايته، وترسيخ المثل العليا ابتداء
من المنزل ومناهج التعليم، وذلك لتلافي وقوعهم في مستنقع المخدرات.
6- تشجيع مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع، وهذا المبدأ من أبرز صفات وخصائص الأمة الإسلامية.
7- الاستمرار في دعم جهاز مكافحة المخدرات بشرياً ومادياً وفنياً، ليكون أكثر كفاءة في مواجهة المنظمات الإجرامية ونشاط التهريب.
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــة
لقد
وفق الباحث في اختيار موضوع دراسته لأهميته وحيويته، وردّه على المشككين
في صلاحية التشريع الجنائي الإسلامي لكل زمان ومكان، من خلال الدراسة
العلمية المؤصلة والموثقة وفق مناهج البحث العلمي المتعارف عليها. فقد عمد
الباحث إلى استخدام المنهج المقارن مذكراً ومؤكداً أن إجراء هذه المقارنة
لا يهبط بسمو التشريع الإسلامي، كما أنه لا يضع القانون البشري بمنزلة
التشريع الإلهي إطلاقاً، ولولا حاجة البعض للاقتناع بسمو التشريع الإسلامي
وجهلهم بحقائق ذلك لما كانت هذه المقارنة. كما يؤكد أن النتائج التي توصل
إليها فيما يخص التشريع الإسلامي ليست جديدة. فهي حقائق ومسلمات يعرفها من
ملأ الله قلبه بنور الإيمان. وقد أوردها لأن المقارنة أكدتها دون حاجة إلى
تأكيد. وقد توصل في النهاية إلى نتائج وتوصيات مفيدة، وقدم استراتيجيتين
لمكافحة الجريمة المنظمة إحداهما وطنية والأخرى عربية، وهي مقترحات جديرة
بالاهتمام، وقد كانت شخصية الباحث واضحة في الدراسة؛ فقد تميز أسلوبه
بالجزالة والرصانة والعرض الشيق بلغة سليمة، في تسلسل منطقي للأفكار،
داعماً دراسته بكثير من الوثائق الرسمية والدلائل العلمية من إحصائيات
وغيرها، مما جعل هذه الدراسة إضافة علمية للمكتبة الأمنية العربية التي
تفتقر إلى هذا النوع من الدراسات العلمية.
أتمنى أكون وفقت في عرض الطرح
تحيـاتي لكم