"ومن أجل ذلك أبحث عن الحب باستماتة اليأس، أبحث عن حب أستطيع فيه أن أعبث كما كنت دائماً، كما زلت بأخلاقي ومثلي القديمة لأني لا أريد أن تقطع حياتي من الوسط، بل أريدها أن تبقى متصلة من طرف إلى آخر، ومن أجل ذلك ذهلت إلى هذا الحد عندما عرفتك بالورثيك". إنها رواية نبتت من قصة عاملة شابة اعتقلت وسجنت لأنها كانت تسرق، من أجل عشقها، زهوراً من المقابر. هكذا روى أصدقاء كونديرا حكاية تلك الصبية، وهكذا سكنت صورة الصبية خيالة وراح يرتسم أمام عينيه، مصير امرأة شابة كان الحب والجسد، بالنسبة إليها،عالمين منفصلين، كان الحب موجوداً في نظرها، في الجهة المعاكسة للحب، وكانت تنضم صورة أخرى كطباق لصورة سارقة الزهور، فعل حب طويل لم يكن في الواقع سوى فعل كراهية رائع، وهكذا ولدت لدى كونديرا فكر روايته "المزحة" التي كتبها شفي مناخ روائي تماشت فيه أحداث الحب والأحداث التي ترافقت والثورة الاشتراكية في تشيكوسلوفاكيا معاً جنباً إلى جنب. وكان لوقع الترجمة أثره السيئ الذي انعكس على المقدرة على قراءة القصة من وجه سياسي فقط، وهذا ما أشقى الكاتب، لأن "المزحة" كانت تقرأ عبر هذا الوجه فقط الذي أفقدها الحسّ الإنساني العاطفي الذي من خلاله بنيت صور تلك الرواية. نبذة الناشر:"سأقول لك شيئاً: كان يعيش في جنيف، عندما كان كالفن سيداً فيها، صبي ذكي ومَزوح. وقعت دفاتره المليئة بنكاتٍ على يسوع المسيح والكتاب المقدس في أيدي السلطة. لا شك في أن هذا الصبي الذي يشبهك كثيراً قد تساءل: أهناك ما يُغضب؟ فبعد كل شيء، لم يقترف شراً، إنه يمزح، هذا هو كل شيء. الكراهية؟ لم يعرفها أبداً. لم يكن يعرف، دون شك، إلا السخرية واللامبالاة، وقد أُعدم. آه، لا يذهب بك الظن إلى أني من أنصار مثل هذه القسوة! أريد ببساطة أن أقول بأن أية حركة كبيرة تريد تحويل العالم لا تتسامح بالتهكم، أو بالسخرية لأنهما صدأ يأكل كل شيء." إنها رواية صراع الفرد مع المؤسسة الحزبية، عندما تكون هذه المؤسسة ضيقة الأفق، تلغي هامش الحرية للفرد، من خلال هيمنتها الإيديولوجية ورؤيتها الأحادية. بأسلوب تحليلي، ساخر، يروي كونديرا الحالة المأساوية للإنسان المحاصر داخل حلقة من حلقات الميراث الستاليني في ظل النظام الاشتراكي في تشيكوسلوفاكيا.