نشأة الصحافة العربية. رغم أن بلاد الشرق
الأوسط عرفت الكتابة من قديم الأزمان، إلا أن شعوبها لم تعرف الصحافة
بوصفها أسلوبا لنقل الأخبار؛ فقد كانت لدى هذه الشعوب وسائلها المباشرة
كإرسال الرسل والمندوبين والمنادين. وكان الشعر وكتابة الرسائل هي وسائل
إعلام الجزيرة العربية، كما كان اللقاء المباشر في أسواق عكاظ والمربد
وغيرهما كفيلاً بتحقيق التواصل والاتصال في حدود الظروف الحضارية.
ولم
يعرف العالم العربي الصحافة إلا مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر عام
1213هـ، 1798م. وكان نابليون قد حمل معه ـ ضمن ما حمل ـ آلات طباعة مجهزة
بحروف عربية وفرنسية ويونانية، وبها طبع المنشورات التي كان يوزعها على
الناس متضمنة أوامره أو بياناته لتهدئة الثائرين، وقد أصدرت الحملة في
القاهرة جريدتين باللغة الفرنسية هما لوكورييه ديجيبت ولا ديكاد إيجبسيان
وكانت هناك صحيفة الحوادث اليومية التي بدأ صدورها عام 1214هـ، 1799م في
القاهرة إبّان الحملة وبموافقة نابليون بونابرت، وكان يرأس تحريرها إسماعيل
سعد الخشاب، وطبعت في نفس المطبعة الفرنسية التي أدارها المستعرب العالم
يوحنا يوسف مرسال. وتوقفت الحوادث اليومية مع رحيل الحملة عام 1216هـ،
1801م، وبهذا يمكن اعتبار هذه الجريدة هي أول جريدة عربية، ولم تظهر بعدها
أية جريدة إلا عام 1244هـ، 1828م، عندما أصدر محمد علي الوقائع المصرية بعد
أن أنشأ مطبعة بولاق عام 1238هـ،1822م. وكان يشرف عليها عند صدورها رفاعة
الطهطاوي لدى عودته من باريس، وتولاها بعده أحمد فارس الشدياق، ثم محمد
عبده وآخرون.
وكان ظهور أول جريدة عربية في شمالي إفريقيا في عام
1264هـ، شهر سبتمبر 1847م وهي المبشرِّ وذلك بأمر من الحكومة الفرنسية في
الجزائر.
وكانت أول جريدة عربية تصدر خارج العالم العربي جريدة مرآة
الأحوال التي أصدرها رزق الله حسّون عام 1272هـ، 1854م في إسطنبول، وبعدها
ظهرت حديقة الأخبار وهي جريدة أسسها في بيروت خليل الخوري عام 1275هـ،
1858م وكان يسميها جورنال حسب التسمية الفرنسية. وفي عام 1277هـ، 1860م
صدرت الجوائب لأحمد فارس الشدياق في القسطنطينية وسماها جريدة. وأصدر رشيد
الدحداح في نفس العام جريدة برجيس باريس وسماها صحيفة، ثم ظهرت الأهرام في
الإسكندرية عام 1292هـ، 1875م لسليم وبشارة تقلا. ومازالت تصدر، وكانت قد
انتقلت إلى القاهرة عام 1316هـ، 1898م.
وفي مارس 1302هـ، 1884م أصدر
جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده جريدة العروة الوثقى، وكانت تهاجم
الإنجليز وكافة أشكال الاحتلال، وتدعو إلى نهضة إسلامية بوصفها السبيل
الوحيد للتخلص من الأجنبي، فحاربها الإنجليز ـ رغم أنها كانت تصدر في باريس
ـ حتى توقفت في شهر أكتوبر من السنة نفسها بعد أن صدر منها 18 عددًا.