من صناعة الأحذية إلى صناعة المليارات!
من
صناعة الأحذية إلى اختراع الموبايل المحمول عبر الأقمار الصناعية؟ لا
تتعجبوا، فقد كانت شركةً تصنع أحذية، ولكن العقل والذكاء، والأبحاث العلمية
حوّلوها إلى أضخم شركة تكنولوجيا في العالم، في بلد من أصغر دول أوروبا؟.
تهرول عشرات الشركات بأقصى سرعة في أسواق العالم العربي، لتجارة حديثةٍ تدر
الملايين وهي بيع الهواتف المحمولة، أي الموبايل، والشركات تتنافس على
تبشيرنا بنقل التكنولوجيا العالمية إلينا...
شركات الهاتف المحمول
في بلادنا، ليست أكثر من موزع، يشتري من المصنع ويبيع إلى المواطنين بعد
إضافة ربح أو عمولة، ولم تفكر أيٌّ من الشركات العربية، بصناعة سلك من
الهاتف المحمول؟ أو اختراع أي شيء جديد؟ على أي حال، لن نطيل الحسرة، ولطم
الخدود، فالفجر طالع لا محالة، وإن شاء الله يكون قادم الأيام خيرًا من
غابرها.
شركة نوكيا هي شركة فنلندية تأسست سنة 1865، وقام بتأسيسها
المهندس (فريدريك أبديستام). وفنلندة دولة صغيرة تقع في شمال أوروبا، بين
الدول الإسكندنافية وهي (السويد والدانمارك والنرويج وفنلندة وإيسلندة)،
قلنا إن فنلندة دولة صغيرة، يبلغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة.
تُرى،
هل كان في ذلك الوقت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؟ ترى ماذا كانت تصنع
شركة نوكيا في ذلك الوقت؟ كانت الشركة تصنع أحذية ومعاطف؟؟ نعم أحذية
ومعاطف جلدية، وبعد ذلك أضافت الشركة قسما جديدا لقطع الأخشاب، من الغابات
المنتشرة في تلك البلاد، ومن ثَمّ صناعة الخشب، بمختلف أنواعه، لكن كيف
تحولت الشركة من صناعة الأحذية إلى المحمول؟ الجواب تمثّل في ذكاء مؤسِّس
الشركة، ونظرته إلى المستقبل، فبعد الحرب العالمية الثانية، شاهد مؤسس
الشركة، حاجة الجيوش إلى الاتصالات والإلكترونيات، كما رأى تطوُّرا هائلا
في التكنولوجيا عندما شاهد الدبابات الحديثة والطائرات أثناء الحرب، فبدأ
تفكيره يبتعد عن صناعة الأحذية وعن صناعة الخشب؟
ورأى المستقبل
القادم في العلوم والاختراعات الحديثة، فحوّل شركته إلى مجال الإلكترونيات
والاتصالات، وتخصّصت الشركة في الكيبل والتيلجراف وشبكات الهاتف، وكان هذا
بداية لتطور الشركة في نفق العلوم والأبحاث، ولكن لا يعرف إلى ماذا سوف
يصل؟ فبحر العلوم لا نهاية له؟
وفي عام 1967 أصبحت الشركة بحاجة إلى
زيادة رأسمالها؟ حتى تساير النهج الجديد، فدخل شركاء جُدد، على رأسهم
المهندس (جوستاف فروجلهورم) الذي يعتبر المؤسس الثاني للشركة، وبعد دخول
الشركاء الجدد بدأت الشركة تدفع مبالغ هائلة في مجال البحث العلمي
والتطوير، فاستطاعت في أوائل السبعينيات أن تخترع ساعة ديجيتال، واستمرت في
أبحاثها، وفي سنة 1981 صنعت أول جهاز محمول في العالم، لكن بالطبع ليس مثل
أجهزة اليوم، فالمواصفات كانت محدودة جدا، والاتصال لم يكن عبر القمر
الصناعي، وكان هذا يبشر بنجاح في بداية النفق؟
وفي منتصف
الثمانينات، اخترعت شيئا أحدث ثورة في عالم الاتصالات؟ وهو ما يسمى GSM،
وهذا الاختراع هو السائد هذه الأيام، كانت استراتيجيتها أن تغطي الدول
الاسكندنافية فقط، أي دول المنطقة، لكنها واصلت تطورها وانهالت على فنلندة
مليارات الدولارات في كل يوم؟
والشيء المهم الذي يجب علينا أن نتوقف
عنده ونتأمله كثيرا، أن ذلك البلد الصغير اخترع أبناؤه هاتفا محمولا، لا
يحتاج إلى الكثير من المعادن، ولا يكلف إلا القليل، بينما يباع في الأسواق
بمئات أضعاف تكلفته؟ مما جعل دولة فنلندة لا تأخذ مساعدات، من أحد، وليست
مدينة لأحد، بل لديها فائض في ميزانيتها؟ فبدأت تعطي الدول الفقيرة، في
أسيا وإفريقيا مساعدات وهبات، وهكذا انتقلت شركة من صناعة الأحذية، إلى
صناعة جلبت المليارات من الدولارات، وتحولت دولة فنلندة، من دولة صغيرة
تعيش على صيد السمك وقطع الأخشاب ، إلى دولة تنعم بالثراء، والرفاهية، فهل
نعمل مثلها؟..
منقول..